مقالات

ماذا بعد رفض العرب لقرار السادات

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

 

بقلم د عبدالعزيز سالم الغنيمي
عندما علما الرئيس المصري محمد انور السادات ان الامريكان هم من يحملون شعلة الحرب ويتحملون نفقاتها ليس حبا في اسرائيـل وفقط ولكن حماية لمصالحهم فقرر ان يفرض عليهم الحرب التي لا يطيقون تحملها فالسلام هو الطريق الوحيد لوقف الة الحرب والتدمير بالمنطقة فاعلن ان مصر ترغب في مد يدها للجميع بالسلام والتعايش السلمي المشترك وانهاء الحرب بين العرب واسرائيل وهذا مالم يكن متوافق مع رغبة اغلب قادة الدل العربية فاعلنوا مقاطعة مصر وعزلها
قبل نحو 40 عاما، قالوا إن مصر فرطت بقيادة الرئيس أنور السادات في القضية، ثم اتضح أن مصر اقتنصت أرضها بمعجزة تاريخية لم تتكرر، العرب اليوم يحلمون بنصف فرصة، لكي يكرروا ما فعله الرئيس السادات عام 1979 وهذا اصبح درب من دروب الخيال فالعدو اليوم اصبح اكثرا دهاء ومراوغة واكثر قوة مما سبق والعرب اكثر ضعفا واوهن حال
ما فعله الرئيس السادات، هو أنه ترك الشعارات والحنجوريات وذهب لطاولة المفاوضات، كان يفهم أن الولايات المتحدة متحالفة تماما مع إسرائيل، أدرك خريطة الصراع مبكرا، الخارجية المصري –حينها- محمد إبراهيم كامل الذي استقال اعتراضا على الاتفاقية، مضى الرئيس السادات، وأثبتت الأحداث اللاحقة طوال 40 عاما، كم كانت رؤيته مذهلة في صوابها واكثر عمقا وجنبت مصر الكثير من تبعات التعالي والاصرار علي حرب عدو تسانده اكبر قوة علي الارض وفي المقابل نحن يتنكر لنا كل من كان حولنا وهذا ما يحدث اليوم للفلسطنييين وقضيتهم التي اصبحت في مهب الريح
اليوم، تمضي مصر في طريقٍ منذ سنوات، يشوهه أصاغر مغرضون، طريق بناء قدرات الدولة سياسيا واقتصاديا وعسكريا، حتى يكون لها كلمة مسموعة، ولا تُكسر شوكتها، لأنها مرة أخرى تدرك خريطة الصراعات حولها وتحاول ان تتجنب كل ما يوقف مسيرتها نحو البناء والحفاظ علي مكتسبات فترة السلام التي لم يستغلها من سبق من الحكومات المتعاقبة
ثم، أدركت مصر أن القضية الفلسطينية في لحظة حرجة، وأن الأداة الوحيدة المتاحة، هي المفاوضات، قالت الخارجية المصرية ذلك وبكل ثقة وبرؤئيتها الثاقبة للمشهد المتازم الحالي وسيخرج نفس الأصاغر ليتهموا مصر بالتفريط في القضية الفلسطينية عبر منابر تبث من دولٍ تنبطح انبطاحا كاملا لكل الرغبات الصهيو امريكية
القضية اليوم، مختلفة تمامًا، لم يعد الأمر مجرد السماح بتظاهرات تخرج في بلاد العرب لتقول الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، بينما يُمرَر كل شيء لا تقبله هذه الجماهير بعد أن نفسّت عن غضبها، ان السياسة المصرية الشريفة تقول الآن بوضوح: لا سبيل أمام حل القضية الفلسطينية إلا المفاوضات لذلك نري ان مصر تسعي سعيا حثيثا لاكتساب الاعتراف الدولي لبعض الدول الاوربية بدولة فلسطين وحق الفلسطينيين للعيش الكريم علي ارضهم وتحت ظل علم دولتهم الموحدة
هذه السياسة الواقعية، أشرف ألف مرة، ممن سيطلقون منابر إعلامية غاضبة مشتعلة، ثم يقبلون في الغرف المغلقة بأكثر مما يمكن أن تساعد السياسة المصرية في تجنبه من ازدياد الازمات وتغييرا للواقع وفرضه علي الجميع للاقرار به وقبوله
السؤال الآن: هل الفصائل الفلسطينية ستتوحد لانقاذ قضيتهم من الضياع ولو رفضت التوافق فيما بينهم وهو السؤال الأكثر مرارة- هل ستتحد حتى لتقاوم تأكل الشعب وفرض الامر الواقع الذي هو امر من مرارة القبول بالهزيمة وضياع الهوية وتمزيق اوراق القضية نعم ان هذه هي الأسئلة العملية، والمؤلمة التي حتي اليوم لا نجد لها اجوبة من الذين يحملون شعارات فلسطين عربية والقدس اسلامية و في نفس الوقت والتي تؤكد فيه كم ترى مصر الأمور بواقعية وفهم وكيفيه التفكير بعمق واستراتجية لحل لغز القضية الذي استعصي علي العالم ان يجد له حلا عادلا وشامل

زر الذهاب إلى الأعلى