افكار بصوت مرتفع …. القوة

زينب كاظم 

سنسلط الضوء في هذا المقال على مفردة قليلة الحروف عميقة المعنى وهي من المفردات المطاطة والمفردات المطاطة تطرقنا عنها في كثير من كتاباتنا ومعناها أن الكلمة لشدة عمقها لايمكن حصرها ضمن تعريف محدد والمفردة التي سوف نتناولها في هذا المقال هي (القوة) وهنا وبكل تأكيد لانقصد القوة البدنية أو العضلات ولكن ما نقصده هو القوة المعنوية وكمية الايجابية والتفاؤل وقابلية التحمل للضغوط ،

فالجميع يتبجح ويدعي القوة وينشر بوستات أو منشورات تدل على الثقة والقوة الا أنه القوة الحقيقية لا تظهر الا في الشدائد كمواجهة مرض ما ابتلانا الله به والمؤمن وكما يعرف الجميع مبتلى فنواجه ذلك المرض بالتفاؤل والايمان والايجابية والمرض ليس بالشئ الهين فأصعب خيانة في الحياة هي خيانة الصحة لنا وكذلك مرض قريب لنا أو حبيب أو عزيز واصابته بوباء أو احتياجه لعملية جراحية فهذا بحد ذاته صراع مع ابليس ويحتاج الى صبر وايمان وقوة ،كذلك الانتظار كانتظار تحاليل أو نتيجة امتحان أو أي أمر دنيوي يؤلمنا فالانتظار صبر والصبر قوة .

وهناك نوع من القوة أكتشف حديثا وهو الضعف الشديد هو قوة أو ما يسمى بقوة الضعف وهذا ما أوضحه أحد الأطباء المتخصصين في الاطفال عندما نقل لنا قصة طفلة رضيعة حديثة ولادة وتعاني من ضيق التنتفس ومن اليرقان (أبو صفار )بنسبة عالية وكانت مع والديها في السيارة فتعرضوا لحادث اصطدام بشع فنقل الأبوين للمستشفى أما الطفلة فرأتها سيدة في الحوض الخلفي للسيارة ولم تتضرر من الاصطدام لكنها مزرقة وصحتها سيئة فنقلتها للمستشفى

فوضعوها الأطباء في جهاز الخدج لكنها وحيدة فأبويها مصابان و هي تحتاج الى رضاعة والى تبديل حفاظاتها والاهتمام بها الا أن ضعف تلك الرضيعة جعل المستشفى تقف على قدم وساق لرعايتها والوقت كان متأخر جدا وجاء رجل هو وزوجته وايضا لديهم طفل يعاني من مشاكل تنفسية فسألت تلك السيدة عن تلك الرضيعة فقصوا حكايتها لها فعطف قلب تلك السيدة عليها فتكفلت بكل مصاريف الطفلة والاهتمام بها اذ ان تلك العائلة كانت ميسورة الحال وخلال ساعات عولجت الطفلة تماما واستقر وضع والديها الصحي وابلغت جدتها بالحادثة وجاءت في الصباح لأستلام الطفلة وهذه القصة توضح ان الضعف الشديد يقويه الله

بارادته فضعف تلك الرضيعة جذب الحب والاهتمام والتعاطف ورأفة الله عز وجل بها.

واحيانا اي انسان يضعف وينهار ويبكي وهذا ليس ضعفا بل دليل انسانيته لكن واجبه تجاه نفسه بعد ذلك هو التماسك والقوة ومن الجدير بالذكر أن الضعف والدموع يجب أن يكونان مع من يهتم لأمرنا ويشغله وضعنا وليس أمام الشامت أو المنافق وأحلى ضعف هو ضعفنا ودموعنا أمام الله عز وجل فهو الذي نأتيه بكل ضعفنا فيرجعنا بكل قوته .

لكن هناك حالات مؤلمة بحجم السماء والارض وهي أن الانسان الذي يحمل صفتي القوة والعاطفة الفياضة في وقت واحد فيظل متماسكا لفترة طويلة الا أن كثرة الضغوط تجعله ينهار حرفيا وينتهي تماما ويصبح موجودا معنا جسدا بلا روح وتختار اعصابه وكل كيانه ان ينفصل عن العالم تماما فنقول انه مجنون لأننا نرى انسان منتهي امامنا الا انه يصرخ بشدة في لحظة ما ذلك لأن اعصابه وعقله الباطن وشعوره يذكره باللحظة التي انتهى فيها كانسان كأن تكون تلك اللحظة فقدان عزيز او اهانة او صرخة جاءت في وقت غفلة ونحن لا نشعر بحجم الالم الذي يكابده ويعانيه خاصة في مجتمعاتنا المتنمرة والمتهكمة والمتعدية وهذا لا يعني ان ذلك الانسان ضعيف بل معناه انه تحمل اكثر من طاقته التحملية بأضعاف فقرر بصورة غير ارادية ان يفصل عن العالم وكثير منا رأى حالات مشابهة لما ذكرت .

وأصعب صراع يصارعه الانسان هو حربه ضد نفسه وشهواته وغرائزه ونفسه فالانسان المثالي أو الذي يريد رضا الله هو من ينجح بكبح تلك الغرائز ولا يجعلها تذله أو توصله لطريق الخطأ والخطر والضياع .

ويقال أن التسامح قوة لأنه فقط النفوس العظيمة تستطيع السماح ، أما الضعف فهو انقيادنا لشهواتنا أو الضعف أمام حبيب يخذلنا ويتعامل معنا بأنانية في الوقت الذي من الممكن أن نجد انسان يستحق تلك العواطف ويكون جديرا بالحفاظ عليها ويعتبرها جوهرة ثمينة عثر عليها .

والشخص المعطاء هو الشخص القوي فهو يستمتع برؤية الفرحة في وجوه الاخرين الذين قدم اليهم هدية او معروف ما .

والقوة كذلك هي القدرة على قول الحق بمنطقية وثبات وهدوء بلا تطاول او تجاوز فهذه الجزئية اهم فقرة في القوة وهي القوة بكل معانيها .

أما تقبل حقيقة ان الانسان ليس مخلدا في الحياة وأن النهاية الحتمية هي الموت وهو الحقيقة الوحيدة والايمان بذلك وبلا ذعر والنظر للموت على أنه شئ جميل لأننا سنقابل رب رحيم غفور فهذا ايضا قوة .

نصيحتنا في اخر المقال هي #لا_تنحنـــــــــــــي_مثل_علامة_الإستفهام ؟

#قف في وجه العالم وكأنك علامة #تعجب. !

فالحياة لا تهوى #الضــعفاء والمتخاذليــــن.