مقالات

هل لا زالت بغداد تقرأ؟

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !
خالد السلامي
ونحن نحتفل في هذه الأيام بذكرى مرور مائة وخمسة وخمسين سنة على صدور اول صحيفة عراقية في الخامس عشر من حزيران ١٨٦٩ تلك هي صحيفة الزوراء التي شكلت النواة الحقيقية الاولى للصحافة في العراق الحبيب لابد من الوقوف على حال الاعلام والثقافة في العراق وحتى في الوطن العربي الكبير الذي انتج العديد من كبار الرموز الإعلامية والثقافية ، أدباءً وكتاباً وشعراءً وفنانين واعلاميين ومفكرين ، أثْرَوا المكتبة العربية وحتى العالمية بنتاجاتهم الادبية والفنية والعلمية عبر تاريخهم الطويل فصارت بعض عواصمنا العربية قبلة للثقافة والطباعة والقراءة كما كانت بغداد في عصور متعددة ابتداءً من العصر العباسي الى اليوم وكذلك القاهرة وبيروت حتى جاءت تلك المقولة الشهيرة المعبرة عن مكانة تلك العواصم الثقافية حيث كانت القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ لتدل على غزارة الثقافة في هذه العواصم وغيرها من عواصم وطننا العربي الكبير من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي حيث كان الكِتاب والجريدة والمجلة وإلى وقت ليس ببعيد هم الجليس الأقرب للمواطن.
اما الان وبفعل حضارة النت ومشتقاته فأصبح الكِتاب والكُتاب في ذاكرة النسيان وتحت اتربة الرفوف ولا يتذكرهم الا ما ندر ممن بقي من أجيال الثقافة التي آلت الى القِدَم بكل اسف ولم تعد تقرأ لا القاهرة التي تكتب ولا بيروت التي تطبع ولا حتى بغداد التي تقرأ ، فتحول الشباب العربي من شهوة القراءة الشرهة الى شراهة التقليد الأعمى لكل ما يراه من تصرفات وتقاليع على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية دون ان يتعب عقله في التفكير بمدى تطابقها مع ثقافته الدينية والاجتماعية التي إعتاد عليها مجتمعه العربي عبر تاريخه العريق ودون ان يحاول ان يفهم الدوافع وراء نشرها وتوجيهها إليه بشكل مقصود كجزء من الغزو الثقافي التدميري الذي يستهدف تخديره وابعاده عن دينه وانتماءه ووطنيته ضمن حملة التجهيل المتعمد التي تستهدف المجتمع العربي خصوصا وإلهاءه بما يسمي بالخلافات الدينية التي لا نعلم مدى صدقها من كذبها بسبب قدمها الغائر في أعماق التاريخ والتي لم يحضرها اي عربي او مسلم في هذا الزمان ولا حتى أَجداد أجداده انما تناقلها وربما أَلَّفها المغرضون بقصد إشغال الناس بها وانهاك الأمة بالفتن والحروب الطائفية والعرقية التي تؤدي الى الفقر والجوع والحرمان من أبسط مقومات الحياة وجعلها تتراجع الى الوراء حتى عدنا الى ما قبل التاريخ بفضل ما خيم على عقولنا من الجهل بينما يواصل العالم تقدمه الى الامام حتى كاد يصل الى الشمس بعد ما وصل إلى اغلب الكواكب والأكوان بفضل ما وصل إليه من علم وتكنولوجيا، فصرنا نرى الشباب العربي يحاول التخلي عن قوميته بل ويسخر منها ويتمنى الانتماء الى قوميات اخرى بسبب شدة التثقيف لتلك القوميات وتمجيدها على حساب قوميته دون محاولة معرفة الغاية من وراء تشويه القومية العربية مقابل تمجيد تلك القوميات الاخرى رغم اننا لا نقل عنها بشيء بل ونتفوق عليها في كثير من الامتيازات التي تحلم بها أمم كبرى الا اننا لم نجد من يقودنا بإخلاص ولا إعلام عربي صادق يظهر مكانتنا وامكانياتنا وثرواتنا وموقعنا عدا تاريخنا العظيم الذي لاتمتلك مثيله اية امة اخرى ، ليجعل منا امة تنافس تلك الأمم ان لم تتفوق عليها .

زر الذهاب إلى الأعلى