مقالات

ما قبل الدوامة وبعدها

تقييم المستخدمون: 4.7 ( 1 أصوات)

 

بقلم حمدى بهاء الدين
لا يمكن أن تكون نفس الشخص الذى كان قبل الدوامة بعد أن تخرج من الدوامة ، نعم تصبح شخص أخر غير الذى كان ، ما لم تكن تقبله قبل الدوامة ستقبله مرغما بعد الدوامة ، نعم ستتغير أفكارك ومشاعرك وأولوياتك ، سيتغير كل شىء حولك ، ستصبح غريبا عن كل شىء ، ستكون مثل المسجون الذى طال سجنه فى حبس انفرادى فى زنزانة ضيقة مظلمة باردة معزول عن الحياة كأقسى أنواع العقاب ، نعم ستصبح وحيدا بلا رفقة بلا مؤنس
ستصبح مثل المسجلين فى الأنظمة الجنائية ، دوما مراقب ومشكوك فى تصرفاتك مطلوب منك البرهان والدليل على كل شىء ، ستتغير وجهة نظرك فى كل شىء فى العلاقات مهما كان قربها ومهما توهمت تجذرها ومتانتها ، ستجد نفسك فى نهاية الصف ، سيحبونك على حرف لأن الأمر لم يعد بيدك وليس أمامك سبيل سوى الرضا والقبول لأنك لا تملك رفاهية الرفض أو الإعتراض ومهما كنت قويا قبل الدوامة فإن الضعف سيلحق بروحك بعدها وسيتمكن منك مهما حاولت الإفلات أو النجاة والأمر مختلف بحسب ما إذا كنت ظالما أو مظلوما فى رواية الدوامة بحق أو بدون حق ، والدوامة هنا ليست مرادف للتجربة لأننا جميعا دون استثناء نمر بتجارب تثقل خبرتنا وننضج بها لكن الدوامة تعنى أننا ندخل الصراع دون إرادة ، ندخله بحمق وغباء أو مدفوعين إليه دفعا
وانا هنا لا ادعوا إلى اليأس والإحباط بقدر ما أريد أن اصف تلك الحالة التى نصبح عليها بعد الدوامة لتكون مفهومة مسبقا سواء قبل الوقوع فى الدوامة أو عقب الخروج والنجاة منها بالرغم من اختلاف النتائج وعدم تشابهها لأن كل دوامة لها خصوصيتها وآثارها بل لها أسبابها ومقدماتها الخاصة جدا والتى تتحكم فى فرص النجاة أو انعدامها
فإذا كنت من الناجين من الدوامة حاول أن تحتفظ ببعض نفسك ومبادئك وعاداتك وروحك وهويتك ، لا تجعل أحد مهما كان أن يهينك أو يسفه منك أو يقلل من قدرك أو أن يشكك فى موهبتك وقدراتك ونبوغك
لا تنظر إلى الخلف إلا لعبرة وأنظر إلى الواقع على أنه سيصبح ماض فى يوم ما وأحسن إختيار رفقتك ولا تفلت يد من تمسك بك وأنت فى مستنقع الدوامة

زر الذهاب إلى الأعلى