مقالات

قارتنا السمراء و الإختراق الإسرائيلى .

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !
هبه عبد العزيز
نلقي نظرة سريعة ومقتضبة على تاريخ وطبيعة العلاقات ( الإسرائيلية – الإفريقية ) تلك العلاقات المليئة بالتفاصيل الكثيرة جدا أيضا. ونستكمل اليوم ما بدأناه وحديثنا عن الإختراق الإسرائيلى ﻹفريقيا وتأثير ذلك على الأمن القومى العربى:
– فهناك أيضا ما يسمى ب (مشروع الأوخدود الإفريقى العظيم) والذى يمتد من الأردن إلى جنوب إفريقيا,والذى كانت قد طرحته إسرائيل منذ عام 2002 م لأختراق إفريقيا ثقافيا والتأثير فى وجدان الافارقة, مدعيه أنه سعى من جانبها للتعاون الثقافى بين الدول التى تقع على حدود هذا الأخدود.
– وهناك العديد من الشركات الإسرائيلية العاملة فى المجالات الأمنية فى إفريقيا والتى تتولى تدريب وتسليح مليشيات قبلية لحماية العديد من الرؤساء الأفارقة وبعض الشخصيات السياسية, هذا بجانب بعض الشركات الأخرى مثل (شركة أباك و يول باريلى) والتى من مهامها تنفيذ مخططات لإشعال وتصعيد الصراعات فى أفريقيا, بهدف إسقاط بعض الأنظمة التى تسعى للتقارب مع الدول العربية من ناحية, ومن ناحية آخرى إحكام السيطرة السياسية والإقتصادية الإسرائيلية هناك , ففى الدول المتعاونة والموالية تدعم أنظمة الحكم, وفى دول آخرى تدعم المعارضة وتساعدها فى توسيع دائرتها.
– أيضا أنشأت إسرائيل أيضا العديد من المراكز الخدمية لدعم الديموقراطية ومجالات آخرى كالصحة والمجتمع المدنى الإفريقى, وتعمل إسرائيل طوال الوقت على تنمية وتطوير تلك المراكز, والتى ترتبط إرتباط مباشر بالحياة اليومية لأعداد ليست بالقليلة من الأفارقة, ومن الأمثلة لهذه المراكز نجد مركز( جبل كارمن) لدعم وتنمية المرأة الإفريقية, المركز ( الزراعى) , المعهد (الأفروآسيوى) والذى يهتم بمشاكل العمال و تطوير الإتحادات العمالية, و غيرها كثير.
ويعد ماسبق بمثابة مقدمة رأينا أنها من الضرورة والأهمية قبل التعرض لموضوعنا الرئيسى بخصوص التوغل الإسرائيلى فى إفريقيا والآثار المترتبة على ذلك فيما يتعلق بمسألة الأمن القومى العربى.
فالمتتبع للأمر يجد أن العلاقات ما بين إسرائيل والقارة السمراء كانت قد أخذت فى النمو والتطور وخاصة منذ آواخر السبعينات، وذلك على عدة مستويات سواء: السياسية والدبلوماسية , أو الإقتصادية و التجارية , أو العسكرية والأمنية , أو الثقافية والأجتماعية, مما أفرز العديد من الآثار السلبية و الخطيرة على أمننا القومى العربى.
وفى المقدمة كان قد تأثر ومازال ( الأمن القومى السودانى ) حيث عانى السودان من التدخلات الإسرائيلية مثلا فى جنوبه لفصل ” دارفور “, وفى شرقه وذلك بحجة توجيه ضربات للعناصر التى تساعد فى تهريب الأسلحة إلى ” قطاع غزة “, ونود هنا أيضا أن نتذكر ما جاء فى زيارة رئيس دولة جنوب السودان “سلفاكير” عقب الإعلان الرسمى عنها كدولة مستقلة بذاتها عن السودان والإعتراف بها دوليا، تلك الزيارة لإسرائيل والتى كشفت عن مدى الود والتعاون الخفى ما بين الدولة التى كانت ماتزال وليدة آنذاك وبين الكيان الصهيونى , وقد عبر عن ذلك ” سلفاكير ” فى كلمه له، وجهها فى تل أبيب لقادة إسرائيل جاء فيها : (كنتم تقاتلون عنا, ولولا إسرائيل ما قامت دولة الجنوب )! فهكذا تخترق إسرائيل القارة الإفريقية! وكنتيجة طبيعية لتأثر الأمن القومى السودانى, يتأثر الأمن القومى المصرى لا محال, فالسودان هى العمق الإستراتيجى لمصر, وليس لمصر فقط بل للأمة العربية بأثرها, وهى أيضا حلقة الوصل ما بين العروبة والإسلام من جانب والجنوب الإفريقى من الجانب الآخر.

زر الذهاب إلى الأعلى