اشتد لهيب الشمس ، مد يده يصفع وجوه جميع سكان الغابة وسياطه تجلد أجسادهم وطال الأمر علي ذلك الحال لعدة أيام ، ففزعوا جميعا نحو عرين الأسد يشكون له قسوة الشمس عليهم ويستشيرونه في حل لذلك فقد باتوا يتساقطون كأوراق الشجر في فصل الخريف الواحد تلو الآخر
في الطريق قابلهم ذئب عجوز وسألهم عن سبب هذا التجمهر فرووا له مأساتهم فما كان منه إلا أن اوعز لهم أن السبب في قسوة الشمس عليهم وشدة حرارتها هو وجود الجمل بينهم وهو مثال الصبر وتحمل الجوع والعطش في حرارتها لفترات طويلة دون أن يشكو أو يتضرر لذلك اعتادت الشمس تحمل الجميع لحرارتها فزادت وتمادت
اقتنع الجميع برأي الذئب ووجدوا فيه حجة مقنعة أن يطلبوا من ملك الغابة طرد الجمل نهائيا من الغابة أو التخلص منه وتقديمه هدية للملك يتغذى عليه وأسرته حتي تتيقن الشمس من أن الجميع ليسوا بجمال ولن يتحملوا لهيبها
في البداية رفض الأسد التخلص من الجمل لعلمه بأنه ليس مذنبا وأنها فطرة فطرها الله عليه ولكن بعد فترة من اشتداد الحرارة والضغط الجماعي من جميع سكان الغابة لم يجد الأسد بدا من مشاركتهم الرأي في التخلص من الجمل خاصة وأنهم وعدوا بتقديمه وليمة دسمة له وبذلك يكون قد صاد ثلاث عصافير بحجر واحد ..ضمن غذاءه لفترة لا بأس بها حظى بتقدير أكبر من سكان الغابة حين حقق لهم مطلبهم ، وفي نفس الوقت قدم الجمل قربانا للشمس لترحمهم من لهيبها كما اقنعوه
وفي اليوم المحدد للتنفيذ تجمعت كل الحيوانات الصغير قبل الكبير الأليف قبل المفترس تحقيقا لمبدأ في الاتحاد قوة لينقضوا جميعا علي الجمل وضربوه ضربة رجل واحد لا يستطيع أن يقاومها فيسقط صريعا وتنتهي معاناتهم مع الشمس ولكن ….
خابت ظنونهم حين فاجأهم الجمل قادما بأهله وعشيرته سربا واحدا بعدما أحس منهم نية الغدر
لم تعلم الحيوانات أن الجمل يتحمل الظمأ والجوع مجترا طعامه وشرابه وقت الحاجة لكنه لايتحمل الخيانة والخسة والقسوة ، لا يتحمل أن يعاقب بذنب لم يرتكبه لمجرد تحالف قوى الشر عليه
اندفعت الجمال تشق صفوف الحيوانات شقا كسيل هادر جعلهم يفرون كالجرذان المذعورة وأصوات الفزع تصدر منهم من هول الصدمة خاصة بعد اندلاع حريق كبير في أشجار الغابة كلها دفع الجميع للهرب وبينهم ذلك.الذئب العجوز الذي اشتعل ذيله وأخذ يقفز ويصرخ ولا أحد يلتفت لصراخه حتي احترقت جثته تماما
والأسد يقف مذهولا من احتراق مملكته وحلمه بالبقاء والغذاء وينتظر حكما عليه بالفناء