حين رفَع فوهة بندقيته في مواجهتي؛ وضعتُ رأس ابني في الحقيبة، وشرعت أخلع إسدالي بتلقائية؛ اندهش:
- لماذا تخلعين ملابسك؟
- رجعت أبحث عن أشلاء صغيري، مات في الغارة الأخيرة، حتى الآن لم أعثر على فخْذه ولا قَدَمه اليمنى، أردت دفْنهما معه، لست الآلهة المصرية التي تلملم الأشلاء؛ فقط أردت رؤيته مكتملًا للمَرَّة الأخيرة.
- ما اسمك؟
- أخلع ملابسي كلَّما رأيت بندقية، يقول زوجي: القتل في التوِّ واللحظة حق على الزوجة التي تمتنع، لن يتردد للحظة في إطلاق رصاصاته لو طلبني وتأخرت.
- مَن زوجك؟ ولماذا أنت هنا؟
- أعيش مع جدتي لأمي، ألقمتني المُرَّ، دائمًا ما سألت ربَّها: لماذا أخذتَ الذكور الأربعة وتركت لي هذه المصيبة؟ قَتَل أحد المستوطنيين عائلتي بكاملها، أفرغ فيهم – منذ عشرين عاما – رشَّاشًا يشبه الذي تحمله. أوصتها أمي قبل أن تلفظ أنفاسها أن تعلمني، فصرت كلما تكلمتْ، هي أو زوجي، ألملمُ الكثير من الجمل والمفردات وألقي بها في البيارات.
- لماذا يدعونك بالمصيبة؟
- لديه آلي ضخم، ويحفظ عددًا من سُوَر القرآن، لم يقبِّلْني قَط، يقول إنه بدوي، حين طلبتُ؛ ظَل يردد: ناقصات عقل ودين، بيديه متسخة الأظافر دفَن ابنتي الصغيرةَ، وعاد في أقل من ساعة ليحفر، قُتلت منذ عشر سنوات حين غلَّقتم علينا الحياة، عالقون نحن دومًا، ماتت بشظايا قذائفكم، في حين تدَّعون أنكم تنثرون الزهور.
- لماذا يملك زوجك آلي، ومن قتل؟
- جدتي وأمه قالتا له: كلَّما كسرتَ لها ضِلعًا؛ طلع لها أربعة وعشرون. كان صديقًا لخالي، كلَّما أرادني؛ صوَّب باتجاهي بندقية، عفوا، كلما سألته عن خالي أيضا، صوبها نحو وجهي وقال: لا يردُ اسمُه على لسانك، خالك خرج عن الجماعة، كفر..
- ماذا في هذه الحقيبة البلاستيكية؟
- زوجي يبني الأنفاق، كيف لا يحمل آلي وأنتم تغتصبون الحياة!؟ كلَّما أتاني؛ أشم رائحة البارود والليل والأكفان، فيجتاحني السأم والنفور. أتعرف مذاق المُرِّ؟ أتجرَّعه كل يوم أكثر من الوجبات.
- أين تعيشين؟
- اسمي سُمية، لكن صاحبة طفولتي – التي هاجرت إلى أوروبا منذ ثلاثين عامًا - تدلِّلني بقولها: المرأة المطوية على الانتهاك، سُمية الانحدار.
عاود تصويب بندقيته نحو وجهي، هذه المَرَّة لم أحدد أهي رائحتي، أم رائحته؟ فالعفن يجتاح أنفي، ورأس ابني التي في الحقيبة البلاستيكية، يجتاحهُ، وجدران البيت التي تهدمت، وَلَغْو الرعناء……
………..