اعتادت الولايات المتحدة الأمريكية عبر قرن من الزمن او يزيد على ان تقول فينفذ الحلفاء قولها ولهذا ظل العالم محكوم بإرادتها حتى في زمن القطبية الثنائية ومنظمة عدم الانحياز رغم قوة الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو وقتذاك إلّا انه كان قليلا شحيحا جدا بإستخدام الفيتو ليسقط قرارات مصيرية تهم العالم كله او بعض اجزاءه المؤثرة خصوصا العربية منها بينما كان الفيتو الأمريكي يصول ويجول خلال ثمانية عقود هي كل عمر الأمم المتحدة الى اليوم (باستثناء تلك الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية وكانت حينها تسمى بعصبة الأمم) . وبالتأكيد فإن طفلها المدلل المغتصب لأرض فلسطين العربية مطمئن في ظل حمايتها الأبدية له من خلال امداده بالأسلحة الفتاكة وذخيرتها التي لا تنفد مع توفير الحماية الدولية الدائمة له من خلال استخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي الذي لن ينقطع عن حمايته حتى هذه اللحظة بل وربما الى قيام الساعة.
ونتيجة لهذا الاطمئنان الكامل من قبل امريكا ومدللها الكيان الصهيوني فقد بلغ بهما الطغيان الى تجاهل كل المواقف العالمية حتى ولو كانت من قبل حلفائهما الغربيين وغيرهم وهذا ما تجلى بوضوح في العدوان الهمجي المتواصل منذ اكثر من ثمانية أشهر على غزة الفلسطينية العربية والذي خلَّف عشرات الأُلوف من الشهداء والجرحى ومئات الآلاف من النازحين عدا الدمار الهائل لمدن هذا القطاع الصابر على مدى عقود من الزمن تحت الحصار والدمار والحروب .
وبعد كل تلك الغطرسة الصهيوأمريكية بدأ العالم ينتفض ضدهما حيث تحولت جلسات مجلس الأمن الى ساحة رفض للسياسة الأمريكية الغادرة مما يضطرها في كل جلسة للجوء إلى نقض اي قرار ممكن ان يدين الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني التي يمارسها طفلها المدلل ثم يتحول المناصرون للحق الى الجمعية العامة للأمم المتحدة ليحققوا أغلبية ساحقة لنصرة فلسطين واهلها رغم عدم إلزامية قراراتها لكنها بداية التحول الكبير بالاتجاه المعاكس للطغيان الصهيوامريكي فتصاعدت الاصوات حتى من اقرب حلفائهم لرفض تلك الغطرسة الاجرامية ضد العرب عموما وفلسطين وغزتها خصوصا وادانتها والمطالبة بوقف العدوان الوحشي على غزة واهلها والتهديد بالعقوبات ثم ارتقت تلك المواقف الى المطالبة بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وهاهم أقرب حلفاء الولايات المتحدة يعلنون اعترافهم الرسمي بالدولة الفلسطينية وادانة المحتل و وحشيته ضد اهل فلسطين معلنين التحرر من القيد الصهيوامريكي على سياسة دولهم لحماية ذلك الكيان الذي يغتصب كل فلسطين مما يزيد في عزلته وعزلة السياسة الأمريكية في المنطقة والعالم ولأول مرة تتم محاكمة المحتلين من قبل المحكمة الدولية على جرائهم في غزة وفلسطين كلها بعد تقديم حكومة جنوب أفريقيا غير العربية وغير المسلمة دعوة ضد وحشية ذلك الكيان الغاصب.
وكلما كثر التمرد على الطغيان الصهيوامريكي كلما صارت فرص النهاية أقرب ان شاء الله لكن يبقى العامل الاقوى والمهم لنصرة الحق هو أن تخرج الحكومات العربية عن عصا الطاعة الأمريكية و حليفتها الصهيونية وهي تمتلك الإمكانية لتحقيق ذلك اذا توحدت اراداتها المتشتتة بين التبعيات المتعددة والخوف على الكراسي ومغرياتها ففي الأمة مئات الملايين من الشباب الذين لا يقلون شجاعة عن أبناء غزة وجنين وطولكرم والضفة الغربية والقدس وغيرها من المدن الفلسطينية العظيمة .