بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه، ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلّ اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد، إنه لا يمر يوم عاشوراء دون أن نتذكر ما جرى لنبي الله موسى عليه السلام من مواقف وأحداث في طريق دعوته، وما واجه من تحديات وعقبات انتهت بانتصار المؤمنين وهزيمة الطغاة والمفسدين، بعدما بلغ الكرب بالمؤمنين نهايته، فالبحر أمامهم والعدو خلفهم، فقال تعالى فى سورة الشعراء “فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون” فإنها ملحمة من ملاحم الدعوة تؤكد أن نور الله غالب مهما حاول المجرمون طمس معالمه، وأن الصراع مهما امتد أجله، والفتن مهما استحكمت حلقاتها، فإن العاقبة للمتقين.
لكن ذلك يحتاج إلى صبر ومصابرة واستعانة بالله صادقة، فقال تعالى فى سورة الأعراف ” قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين” فلا ينبغي أن يخالج قلوب المؤمنين أدنى شك بوعد الله، فقال تعالى فى سورة الأعراف ” قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين” فلا ينبغي أن يخالج قلوب المؤمنين أدنى شك بوعد الله، ولا ينبغي أن يخدعهم أو يغرّهم تقلب الذين كفروا فيظنوه إلى الأبد، وما هو إلا متاع قليل، ثم يكون الفرج والنصر المبين للمؤمنين، وإن قصة نبى الله موسى عليه السلام تؤكد أن الأمة المستضعفة ولو بلغت في الضعف ما بلغت، لا ينبغي أن يستولي عليها الكسل عن السعي في حقوقها، فقد استنقذ الله تعالى أمة بني إسرائيل على ضعفها.
واستعبادها من فرعون وملئه، ومكنهم في الأرض وملكهم بلادهم، فقال تعالى “والله غالب على أمره” وقال تعالى “ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز” ولقد ارتبط يوم عاشوراء وللأسف بما يفعله مجوس هذه الأمة من ضلالات وخرافات قائمة على البدع والأوهام، وإن يوم عاشوراء مناسبة للذكر والشكر وسبب من أسباب التأمل في قصص القرآن الكريم وزيادة الإيمان، وأنى هذا مما يفعله الرافضة من ممارسات خاطئة تلطم بها الخدود وتخدش بها الوجوه ويجتمع فيها البكاء والعويل، وربما سالت منها الدماء واختلط فيها الرجال والنساء وكانت سببا في الفحشاء، وقد قال ابن رجب عن يوم عاشوراء “وأما اتخاذه مأتما كما تفعله الرافضة لأجل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فيه، فهو من عمل مَن ضل سعيه في الحياة الدنيا.
وهو يحسب أنه يحسن صنعا، ولم يأمر الله تعالى ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتما، فكيف بمن دونهم؟ فإننا لا ننازع في فضل الحسين رضي الله عنه ومناقبه، فهو من علماء الصحابة ومن سادات المسلمين في الدنيا والآخرة، الذين عرفوا بالعبادة والشجاعة والسخاء، وهو ابن بنت قدوتنا وحبيبنا أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، والتي هي أفضل بناته، وما وقع من قتله فأمر منكر شنيع يحزن كل مسلم، وقد انتقم الله عز وجل من قتلته، فأهانهم في الدنيا وجعلهم عبرة، ولا ننازع في محبته ومحبة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونشهد الله على حبهم وموالاتهم، بل ونصلي عليهم في صلواتنا، كيف لا وقد أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا؟ لكن الذي ينبغي عند ذكر مصيبة الحسين رضى الله عنه وأمثالها.
هو الصبر والرضا بقضاء الله وقدره، وأنه تعالى يختار لعبده ما هو خير، ثم احتساب أجرها عند الله تعالى، وليس اتخاذ المآتم من هدي دين الإسلام، بل هو أشبه بفعل أهل الجاهلية، والملاحظ أن مآتم مجوس هذه الأمة في عاشوراء لم ترتبط بأصل إسلامي من قريب أو بعيد، إذ لا علاقة لها بنجاة نبى الله موسى عليه السلام ولا بصيام النبي صلى الله عليه وسلم، بل الواقع أنهم حولوا المناسبة إلى اتجاه آخر، وهذا من جنس تبديل دين الله عز وجل، ويقول الله عز وجل فى سورة يونس ” وإن فرعون لعال فى الأرض وإنه لمن المسرفين” فكان ملك من الملوك، ولكنه طاغية عصى الله تعالى، وادعى الألوهية، وكان حاكما لمصر، فادعى أنه إله لهم، لذلك سطر الله ذلك في القرآن، فقال “وإن فرعون لعال فى الأرض” أى علو وكبر وغطرسة وجحود.
وقال لأهل مصر بعدما استخفهم وظلمهم، وجار عليهم، وذبح ذكورهم، واستحيا نساءهم ” ما علمت لكم من إلة غيرى” أي لا أعرف إلها ولا ربا ولا خالقا، ولا موجدا لكم يا أهل مصر إلا أنا، فهكذا كان عال في الأرض، وقال الله تعالى ” وإنه لمن المسرفين” أى أنه أسرف وطغى وبغى وتجبر، وتعدى الحدود، فبعث الله إليه موسى عليه الصلاة والسلام، وبعثه إلى أهل مصر، فدعاهم إلى عبادة الله وتوحيده، وأن الذي يستحق العبادة هو الذي يكور الليل على النهار، ويجعل الشمس تخرج من المشرق، وتغيب من المغرب، الذي يقول للشيء كن فيكون.